تحريف القرآن
السؤال :
السلام عليكم
بخصوص تحريف القرآن ، قد أجاب سابقا السيد صادق حفظه الله أن إجماع الفقهاء على عدم وقوع التحريف ، ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت بعض الروايات الواضحة التي تدل على وجود التحريف ، كما في هذه الروايات :
خرج عبد الله بن عمرو بن العاص من عند عثمان ، فلقي أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا علي! بتنا الليلة في أمر نرجو أن يثبت الله هذه الأمة ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لن يخفى علي ما بيتم فيه ، حرفتم وغيرتم وبدلتم تسعمائة حرف ، ثلاثمائة حرفتم ، وثلاثمائة غيرتم ، وثلاثمائة بدلتم : (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) الآية .
بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٣٠ – الصفحة ١٧٨.
–
وأيضا أن الإمام الصادق عليه السلام قد شرع لنا العمل بالقرآن حتى وإن كان محرفاً ، فقد قال اقرأ كما يقرأ الناس .
فما رأي السيد صادق حفظه الله بهذه الروايات وغيرها من الروايات ؟
وشكرا جزيلا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ممَّا يمكن الإجابة به عمَّا جاء في مفروض السؤال هو ما يلي :
1. لا يوجد أحد من علماء الإمامية وفقهائهم من يعتقد بالتحريف قط ، وإذا وجد في كلامهم ما يشير إلى ذلك فهو بمعنى :
حذف التأويل والتفسير الذي كان ينزل به جبرائيل (عليه السلام) عندما يأتي بالوحي ، إذ إنَّه كان يضيف إليها تأويلها ، ويقول : بأن المراد من الآية واقعاً وعند الله تعالى هو : كذا ، مثلاً قول الله تعالى : « يا ايها الرسول بلّغ ما انزل اليك من ربك » المائدة : (67) هذا هو التنزيل ، بينما تأويله : الذي أضافه جبرائيل بعد ذلك أنه قال : أي في علي (عليه السلام) .
وعليه : فإن علماء الشيعة يقولون بما قاله الله تعالى في كتابه العزيز ، قال تعالى : « وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه » فصّلت : (42 ـ 43) ، وقال سبحانه : « إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون » الحجر: (9) ، فالله تعالى ضمن سلامة القرآن من أي زيادة ونقيصة ، كما أنه وعد بحفظ كتابه العزيز من التحريف والزيادة والنقصان ، والله لا يخلف وعده وهو العزيز الحكيم ، فالقرآن الموجود بين يدي المسلمين اليوم هو نفس القرآن الحكيم الذي جمعه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بأمر رسول الله وبتوصيةٍ من جبرائيل عن الله تعالى ، ومن دون زيادة ونقيصة ، ومن أجل ذلك نرى أن الرسول الكريم وأهل بيته المعصومين أمروا بالتمسّك بالقرآن الحكيم وبعرض الأحاديث المشكوكة على القرآن الحكيم ، والأخذ بما وافقه وطرح ما خالفه .
2. إن البعض من علماء أبناء العامة لهم تصريحات بالتحريف بما لا يقبل التأويل أبداً ، وقد صنّفوا فيه كتباً كالسجستاني في « كتاب المصاحف » و ذكره الشعراني في « الكبريت الأحمر » على هامش اليواقيت والجواهر ص 143 ، وذكره الآلوسي في « روح المعاني » ج 1 ص 24 ، وذكره الفخر الرازي في « مفاتيح الغيب » ج 1 ص 169 ، وذكره السيوطي في « الدر المنثور » ج 6 ص 416 ، ويشهد له إقرارهم بذلك ، ففي الإتقان : ج 2 ص40 قال : روي عن عمر أنه قال : لا يقولن أحدكم : قد أخذت القرآن كله ، وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل : قد أخذت منه ما ظهر ، ونظيره ما جاء في الدر المنثور : ج 1 ص 106 ، وسنن ابن ماجة ص 141 ، وصحيح مسلم : ج 3 ص 100 ، وروح المعاني : ج 1 ص 24 ، ونحوها كثير ، فما هو ردّ العامة على ذلك ؟ والظاهر أنه لا ردّ لهم علينا ، ونحن ردّنا معلوم وواضح .